ودرج العرف القضائي في الكويت على أن يقوم المجلس الأعلى للقضاء خلال ديسمبر أو يناير من كل عام بمخاطبة القضاة الوافدين والمستشارين الذين يعملون في المحاكم ومختلف وزارات الدولة وهيئاتها الحكومية، عبر نماذج رسمية، بهدف تبيان موقفهم من التجديد، إما بالموافقة أو إبداء الرغبة في عدم التجديد، علما بأن فترة إعارة القضاة إلى الكويت تصل إلى ست سنوات، بينما تتراوح فترات عمل القضاة الذين يرغبون في عدم التجديد بين عامين وأربعة أعوام فقط.
وبينت المصادر أن هناك أكثر من اعتبار يقف وراء الموقف الجماعي، الذي يجمع عشرات القضاة الوافدين، يأتي على رأسها شعورهم بالتمييز المادي الواضح بينهم وبين القاضي والمستشار الكويتي المعين على الدرجة نفسها في الجهات الحكومية، وأحيانا المعين على درجة أقل منهم، مشيرة إلى أن رواتب غالبيتهم تتراوح بين 1600 إلى 2000 دينار بخلاف السكن الذي تتكفل بإيجاره «العدل»، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الرواتب قد تزيد إلى نحو 2500 دينار مع بعض المستشارين في حال شارك في لجان، وهذه عادة ما تقتصرعلى المستشارين الذين يعملون في الوزارات والهيئات الحكومية، أما راتب القاضي الكويتي المعين على الدرجة نفسها في المحكمة فيصل إلى 4 آلاف دينار، وأحياناً يزيد.
وتضيف المصادر «أن القاضي الوافد يشعر بتمييز آخر، لجهة حصوله على إجازة سنوية تقدر بثلاثة أشهر، في حين يحصل نظيره الكويتي على 6 أشهر إجازة مدفوعة الأجر، علاوة على ذلك فإن القضاة الوافدين يحرمون من كثير من البدلات التي يحصل عليها زميلهم الكويتي، رغم أن نسبة أعمالهم المنجزة تكاد تضاعف نسبة الأعمال التي يقوم بها غيرهم، وقبل ذلك فهم ينتمون إلى الأسرة القضائية نفسها».
وأشارت المصادر إلى أن «التوجهات الحكومية الأخيرة نحو التقشف وشد الحزام على المزايا المالية الممنوحة للعاملين لديها، خصوصاً على الوافدين، مقابل زيادة إنفاق الوافد في الفترة الأخيرة بسبب زيادة الأسعار، المرشحة للارتفاع بمعدلات إضافية مع تطبيق برنامج الحكومة في إصلاح إطار الدعم وانعكاسات ذلك على التضخم والاقتصاد، قللت من شهية هؤلاء القضاة في الاستمرار في مراكزهم في الكويت والمراهنة على تحسين أوضاعهم».
ولفتت المصادر إلى اعتبار آخر لايقل أهمية في تحديد القضاة الوافدين رغبتهم في عدم التجديد لهم سنة إضافية، يتمثل في التعديلات الأخيرة التي أدخلت على سلم أجورهم ببلدانهم والتي شجعتهم على العودة قبل انتهاء سنتهم القضائية، خصوصا وان المزايا الجديدة التي طالت هيئاتهم في بلادهم ضيقت إلى حد كبير فارق المزية المالية التي كانت تدفع القاضي الوافد إلى الاغتراب وترك منصبه في بلاده لأكثر من سنة، خصوصا مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء القضاة سعوا خلال الآونة الأخيرة إلى تحسين أوضاعهم عبر مخاطبة الجهات المعنية والمسؤولين، «لكنهم لم يجدوا الاهتمام الكافي لمناقشة متطلباتهم بتحسين أوضاعهم، سواء بزيادة رواتبهم أو منحهم مكافآت موازية للقاضي الكويتي، بما يتيح تغيير موقفهم وتشجيعهم على تجديد رغبتهم في البقاء في مناصبهم».
اقرأ أيضاً
اترك تعليقا: