وما بين الغضب والإحباط، عبر بعض المعلمين الوافدين عن كثير من الحزن تجاه القرار الذي يأتي بعد شهر من رفع سعر البنزين، وما رافقه من تداعيات معيشية صعبة، متسائلين عن الجدوى الاقتصادية التي تعود على الدولة من خفض بدل الإيجار، مؤكدا عدد من المتضررين لـ «الراي» أن الترشيد في الميزانية لن يتجاوز الـ3 ملايين دينار إن تم خصم الـ90 دينارا من كل معلم وافد، وهو وفر لا يوازي مع ما سيشكله من عبء ومعاناة للمعلم، في ظل تفكير جدي في كيفية التعامل مع المستجد الطارئ الذي قد يصل إلى عودة حياة العزوبية للكثير من المعلمين في الكويت مع عزمهم تسفير عائلاتهم.
وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى أكد بدوره أن موضوع بدل السكن بحث في مجلس الخدمة المدنية وصدر القرار بشأنه، ولا علاقة لوزارة التربية في هذا الأمر مبيناً «نحن مرتبطون بتوجيهات وزارة المالية، وتخفيض الميزانية شمل حتى قطاعات الوزارة وأهمها ميزانية الصيانة».
وبين العيسى أن رواتب الكويت للمعلمين الوافدين أفضل بكثير من بقية الدول العربية، ولن نتوقع حالة عزوف عن العمل في سلك التدريس الحكومي، ولكن قد يكون العزوف في مدارس التعليم الخاص، مبيناً أنه «قد يؤثر خفض بدل السكن في أداء المعلم الوافد داخل الفصل، ولكن ليس لنا يد في هذا الأمر».
وعن نظرة المعلم الكويتي التشاؤمية إلى القرار والخوف من أن يمسه سيف الترشيد طمأن العيسى المعلمين الكويتيين بأن «تخفيض رواتب الكويتيين خط أحمر ولن نرضى المساس بامتيازاتهم المالية» فيما قال إن «معظم الدول تمر اليوم في أزمات مالية من بنزين وغيرها، ويجب أن يقدر المعلم الوافد ظروف البلد التي يعيش بها».
من جهته قال الوكيل المساعد للشؤون المالية يوسف النجارإنه «حتى اللحظة لم يردني شيء من قبل مجلس الخدمة المدنية في شأن تخفيض بدل السكن، وفي حال ورود أي قرار فسوف نقوم بالإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، وأهمها احتساب قيمة التوفير في الميزانية من خلال ضرب المبلغ المخصوم مع عدد المعلمين الوافدين في المدارس الحكومية».
وقال النجار لجموع المعلمين الوافدين التي أثقل كاهلها القرار «لا نُسأل في وزارة التربية عن هذا الأمر ولسنا طرفاً فيه هو قرار صادر من مجلس الخدمة المدنية» مبيناً أنه في عام 2011 أقر مجلس الخدمة المدنية بدل السكن للمعلمات الوافدات ثم عاد وعدل القرار بالزيادة في العام الفائت وبأثر رجعي من العام 2011، وليس للوزارة أي يد في هذه القرارات أو تعديلاتها، مؤكداً أن عقود المعلمين الوافدين تخلو من أي بند يلزم الوزارة بدفع قيمة بدل السكن للمعلمين والمعلمات.
وأوضح النجار أن «امتيازات المعلم الكويتي صدرت بقانون، ولن تلغى أو تخفض إلا بقانون، ولن نتوقع أن يطولها التخفيض»، مشيراً في الوقت نفسه أن «القرار لم يصل إلى الوزارة بعد ولا نعلم إن كان يشمل المعلمين العاملين على بند المكافآت من فئة البدون أم لا؟ حيث إن ديوان الخدمة المدنية هو الجهة الرسمية بإصدار مثل هذه القرارات للجهات الحكومية التي يستوجب عليها تنفيذها فور تلقيها».
ميدانيا، كان الاحباط سيد الموقف في المدارس، حيث خيم الوجوم على المعلمين الذين لم يستوعب بعضهم الصدمة فيما بدا بعضهم الآخر كمن يبحث عن شيء ضائع منه وما إن تقترب منه ويعرف هدفك من لقائه حتى يبادر بالقول «حسبنا الله ونعم الوكيل، لم يكن الامر ناقصا هذه الصدمة» فيما رفض معلمون الحديث محتفظين بمشاعرهم وآرائهم التي بدا الكثير منها في نظراتهم وتعابير وجوههم.
المعلم «م.س» قال ان ايجار الشقة التي يسكنها مع الكهرباء والمياه تتجاوز قيمتها 300 دينار وبعض الزملاء تصل الى 350 دينارا، متسائلا ماذا يتبقى من الراتب للمعيشة ووقود السيارة الذي شهد زيادة هو الآخر. وأضاف ان اصحاب العقارات لا يكلون من رفع ايجارات الشقق السكنية العائلية بشكل دوري اضافة الى غلو اسعار الحاجات الضرورية للمعيشة فماذا يفعل المعلم؟
وزاد بأن ذهن المعلم سينصرف كثيرا من الوقت في البحث عن كيفية سد هذا الخلل الذي طرأ على حياته لاسيما وان جل المعلمين يعلمون اولادهم في المراحل التعليمية المختلفة وهذا يتطلب مزيدا من الإنفاق الذي لن يجد المال الذي يسده، مناشدا المسؤولين مراجعة القرار الجديد حفاظا على حياة المعلم السوية.
بدوره يقول المعلم «ع.د.س» ان القرار ستكون له انعكاسات سلبية كثيرة على معيشة المعلم الوافد، حيث بدأ الحديث بين فئة كبيرة من المعلمين عن تسفير عائلاتهم والسكن مع العزاب، مشيرا الى ان القرار سيعيد الوضع الى ما كانت عليه الكويت قبل عام 2000.
واشار الى ان القرار جاء صاعقا ومفاجئا ومع بداية العام الدراسي، وكان يفترض ان يكون له تمهيد حتى يتخذ المعلم احتياطاته، لاسيما وان بداية العام يكون فيها المعلم في وضع مادي صعب فكيف سيتصرف وهو يتلقى الصفعة بينما يبحث عن الاستقرار الذي لن يجده بعد اليوم.
بدوره يقول المعلم «س.ر» ان قرار مجلس الخدمة المدنية بخفض بدل الايجار يعني ان ايجار الشقة ارتفع 90 دينارا، بمعنى ان الشقة التي كان إيجارها 300 دينار أصبحت بـ390 هذا عدا الاعباء الاخرى التي تثقل كاهله والتي تنعكس نفسيا عليه فيما يفترض ان يكون المعلم أكثر إنسان مستقر نفسيا لان مهنته نفسية معنوية بالدرجة الاولى.
وقال ان المعلمين ومنذ صدور القرار وانتشاره يعيشون صدمة وحالة نفسية سيئة في ظل ازدياد الاعباء عليهم التي تدفعهم للبحث عن مصدر رزق إضافي الذي سيجده في الدروس الخصوصية التي تحاربها الدولة وكأنها في القرار تدفعه دفعا للدروس الخصوصية واستغلال ذوي النفوس الضعيفة ذلك في استغلال الطلبة.
أما المعلم «ط.ح» فقد أجرى حسبة خرج بها إلى نتيجة أن الراتب مهما قلص من التزاماته فلن يكفي بأي حال من الأحوال، مشيرا إلى ان قيمة الراتب بعد خصم الـ90 ستصل إلى 550 دينارا لجميع المعلمين، سيدفع منها ما بين 250 و300 دينار إيجارا سكنا، فيتبقى له مثلها، فماذا ستغطي من أعباء كثيرة، أكلا وشربا وطبابة، ووقود سيارة، وأي طارئ جديد، ومطلوب منه أن يوفر شهريا حتى يجدد إقامات العائلة في نهاية العام والبطاقة المدنية، ويجدد دفتر السيارة وإجازة القيادة، وما قد يطرأ عليه من تجديد جوازات السفر، متسائلا عن حال المعلم الذي لديه أولاد يدرسون في الجامعة وعليه تسديد رسومهم، ماذا يفعل؟
وأكد أن الوضع يدفع المعلم دفعا لحياة العزوبية وعدم القدرة على الحياة، مقترحا على وزارة التربية ومجلس الخدمة المدنية اقتراحا يقول فيه «خذوا الـ60 دينارا الباقية من بدل الإيجار، وأمّنوا لنا شقة للسكن مجانا حتى لو كانت غرفة وصالة وسنرضى، فهل يمكن تحقيق هذه الأمنية؟».
اترك تعليقا: