وتتميز الكويت باحتضانها أعدادًا كبيرة من العمالة الوافدة، حيث تشكِّل العمالة الوافدة أكثرية القوى العاملة في الكويت، لكن نظرة المواطنين اليوم باتت تختلف شيئا بسيطا عن السابق، رغم أنهم لا يستطيعون الاستغناء عنهم في ظل وجود الاعتراض على وجودهم.
لنكن صريحين في هذا الأمر، اليوم الكويت تتمتع بوفرة مالية وليس من المنطق أن يعمل في المهن البسيطة أبناء الشعب، فالكل بات يطمح في مهنة كبيرة، في مقدمتها المهن الإدارية في جميع القطاعات سواء أكانت صحية أم أمنية أم بالبلدية أم تعليمية، وهذا فتح المجال لترك المهن البسيطة، والغريب في الموضوع أنه لو عملت الجهات المسؤولة للاستغناء عن العمالة الوافدة، فحتما سوف تتوقف وتتعطل أمور كثيرة في البلاد، وهذا الأمر غير ظاهر للمواطنين..
لوبي «الكويتية» فتح هذا الأمر ليأخذ آراء كافة الناس حول هذا الموضوع، فإلى التفاصيل:
البداية كانت مع أمين سر جمعية الصحافيين فيصل القناعي، الذي قال إن الأمر المستغرب والحاصل لدينا أن هناك جزءا من العمالة الوافدة باتت تحتل أماكن مهمة في قطاعات العمل، سواء كانت في الحكومة أو القطاع الخاص، ونجد مواطنين يعانون بسبب عدم وجود فرص للعمل، فمن المفترض أن أي عمل إداري في الدولة يكون مقتصرا على أبناء الكويت فقط.
نعم، لا ننكر أن هناك اختصاصات فنية نحتاج فيها إلى الوافدين حتى الآن بسبب نقص الخبرة، لكن يجب أن تكون هناك شروط وضوابط، بحيث يقوم هذا الوافد الخبير في عمل ما، بتدريب مجموعة لا تقل عن 5 كويتيين لمعرفة طبيعة عملها الفني، حتى بعد سنوات قليلة يتم الاستغناء عن خدمات هذا الوافد ولا نفتح باب التعاطف معه ونهمش دور أبنائنا الخريجين، الذين ينتظرون وظائف لأكثر من عام، فالتكويت أمر مهم في جميع قطاعات الدولة، وبعد الاكتفاء الكامل في توزيع الوظائف من أبناء الشعب، لا مانع أن نسد بعض الثغرات في تعيين الوافدين، والأهم من ذلك نحن اليوم لدينا عمالة هامشية كبيرة منتشرة في شوارع الكويت، تلك العمالة مع الأسف تشكل خطرا حقيقيا على الدولة، ففي بادئ الأمر بإمكاننا أن نتصدى لهم، لكن المصيبة أنه تم تهميش تلك العمالة وباتت تشكل مشكلة كبيرة يصعب علينا التعامل معها، فمن الغريب أن نشاهد اليوم وافدا يتجول في المناطق السكنية بملابس متسخة ولا نعرف إلى أين ذاهب وما هويته، وحينما تتحقق من الموضوع تجده قد دخل إلى البلاد بصورة قانونية، لكن مهنته هي التجول في المدن السكانية للبحث عن عمل خاص بالاتفاق الشفهي مع أي مواطن وبغض النظر أن يكون هذا العمل سواء كان مزارعا أو طباخا أو كهربائيا من دون ترخيص عام من الدولة.
وأرى أن كل تلك المهن نستطيع أن نوفرها من خلال طرق مقننة وهي شركات صغيرة يتبناها مواطن بعدد قليل ويوفر من خلال تلك الشركات جزءا من تلك العمالة الوافدة لكي يكونوا في خدمة الشعب.
تخطيط استراتيجي
من جانبه، أكد صلاح الغزالي رئيس جمعية الشفافية، أن موضوع العمالة الوافدة وأثرها بالتركيبة السكانية، يجب أن يدرس على مستوى عال، وأضمن مكان لدراستها هو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، حيث إن التركيبة السكانية يجب أن تحسب بدقة، بحيث نعرف ما ينبغي أن يكون موجودا من العمالة الوافدة في الكويت وما حجمها، هل 50 بالمئة من نسبة الشعب أم أقل، لذلك تقنينها من ناحية سقف العدد أمر ضروري، حيث إن اليوم عدد العمالة تجاوز 2.6 مليون مقابل 1.3 مليون مواطن.، فعلاج هذه المشكلة يجب أن يكون على مستوى تخطيط استراتيجي، تلتزم به كافة الأطراف، سواء كانت الجهات الحكومية أم القطاع الخاص والأهالي.
والشيء الثاني موضوع الوظائف العامة، فتلك الوظائف يفترض أن تكون محسومة للكويتيين وأن يحظر فيها توظيف الوافدين، والغريب في الأمر أننا نشاهد في بعض وزارات الدولة موظفين إداريين يعملون في مهن يفترض أن تكون لأبناء الدولة، مثل التدريس، حيث إننا لم نستطع حتى الآن أن نغطي كافة الوظائف التي تحتاج إليها مدارسنا، وكذلك الأمر ينطبق على القضاء.
ففي قطر والإمارات، يتم توطين تلك المهن بحيث تكون حصرية على أبناء الوطن من خلال وضع عدد من السنوات التي يتم عمل الوافدين بها وبعد ذلك يتم الاستغناء عنهم، وبالفعل حسم هذا الأمر وتم التوطين بكل يسر وسهولة، ونحن بالكويت اليوم في دائرة القضاء مازلنا نشاهد 50 بالمئة من القضاة غير كويتيين، وهذا لا يعقل أن تكون دولة مثل الكويت حصلت على استقلالها قبل دول الخليج ولا توجد لديها خطة استراتيجية لتكويت مهنة القضاء، مع العلم أن لدينا كلية قانون ولدينا كليات خاصة بالقانون، ويفترض أن تحل هذه المشكلة منذ زمن.
والأهم من هذا موضوع السكن، فنحن لا نميل إلى العنصرية بحيث إنه يجب إنشاء مناطق خاصة للوافدين ومناطق أخرى خاصة بالكويتيين، وقد سمعنا عن وجود مدن عمالية بالكويت، وأنه تمت دراستها والتخطيط لها، لكنها لاتزال حبرا على ورق، فهناك مناطق استراتيجية محتلة من قبل العمال مثل بنيد القار وحولي وخيطان والفروانية، وتلك أمور مهمة يجب أن يتم الالتفات لها.
تنظيم العمالة
النائب محمد البراك يرى أننا مقبلون على تنمية، ومسألة الاستغناء عن العمالة الوافدة أمر صعب، لكننا بحاجة إلى تنظيم مسألة العمالة مثل توفير المساكن الخاصة لهم، وهذا الأمر على حد علمي داخل ضمن خطة التنمية السابقة ويفترض أن ينظم، حيث تخصص لهم مناطق خارج مدن الكويت وتخصص لهم باصات للنقل العام التي توفر لهم التنقل من مكان إلى آخر، إضافة إلى أن الشركات عليها الالتزام بهذا القانون في المدن العمالية، ولا أجد صعوبة على الشركات أن توفر لهم باصات نقل خاصة إن كان لديهم كم من العمال يعملون لديها في مهن متعددة، فاليوم الشركات أخذت مناقصات ضخمة مليونية ومليارية في هذا الأمر، وطبعاً لا ننسى أن وزارة الداخلية مشكورة تقوم بجهد كبير في ضبط العدد الكبير منهم والذين يتواجدون بالبلاد بصورة غير قانونية.
وأرى أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن هناك شريحة من الموطنين يستغلون المساحات الزائدة في بيوتهم لتحويلها إلى غرف وتأجيرها للعمال، مع العلم أن القانون يمنع هذا الأمر بأن يكون هناك سكن خاص ويتم تأجيره لعامل وافد، والأمر هذا مكلف به مختار المنطقة، الذي تم توظيفه لمثل تلك الأمور.
كذلك لا ننسى أن بالكويت توجد بعض الوظائف التي تعتبر من طبيعتها صعبة على المواطن، لأننا لم نعتد عليها مع أن دول الغرب تم إلغاء هذا الأمر لديهم وأصبحوا جميعا يعملون في مهن شاقة ومتعبة، لذلك لا نرى كويتيا يعمل في السباكة أو البنيان أو الكهرباء، لذلك نحن نعترف بهذا الأمر أن وجودهم في هذا الجانب مهم جداً غير أنه لو كان هناك توسع في مصادر الدخل لكنا استفدنا من دخل الوافد وليس من الخدمات التي يقدمها الوافد للدولة وبالمقابل الدولة تصرف عليه.
نظام الكفيل
من جانبه، قال فواز الرقم إن العمالة الوافدة هي جزء لا يتجزأ من تركيبة المجتمع، ولنكن صريحين في هذا الأمر، لكن الغريب في الأمر أن تلك العمالة اليوم باتت تمثل مصدر ضيق لكثير من المواطنين في أمور كثيرة، فأنا كمواطن أطمح إلى أن أستمتع بجمال بلدي الكويت سواء من مناظر عامة أو من جمال المدن السكنية الرئيسة مثل حولي والفروانية والعاصمة وهذا أمر يهمني كمواطن لأنني أحب بلدي الكويت، لكن مع الأسف حينما أذهب إلى تلك المناطق، أرى الأوساخ منتشرة في كل مكان، وسوء المباني القديمة المتهالكة التي يسكنها الوافدون، عندما أشاهد هذا المنظر أقول وا أسفاه على بلدي الكويت، وطبعاً لا ألوم الوافدين بما قاموا عليه، فالوافد في النهاية لم يأت إلى الكويت لكي يعمل بالتجارة، لا، بل أتى إلى الكويت لطلب الرزق وهذا الوافد لا يملك أساسا مبالغ، لذلك يتطلب منه أن يسكن في تلك المساكن القديمة المتهالكة التي من مظهرها العام يجب إزالتها، لأنه مضى عليها عقود طويلة من الزمن، فلذلك أرى أنه من الضروري تقنين وجود العمال، فيكفينا الاستمرار في نظام الكفيل ودول الجوار قد انتهت من هذا الأمر.
كلنا يعرف اليوم أن العقد هو شريعة المتعاقدين، ويجب أن يتم إلزام الوافد بالدخول إلى البلاد عن طريق عقد عمل وهذا العقد يتيح له الفرصة في العمل لدى أي جهة حكومية أو خاصة، بدلا من أن يتم انتشار العمالة بشكل عشوائي، فنحن على يقين بأن سوق العمل بحاجة إليهم اليوم في بعض المهن، لكن التقنين أمر ضروري في تلك المسألة.
الوافدون يحاربون الكويتيين
المواطن إبراهيم الخميس يرى من وجهة نظره أن العمالة الوافدة باتت تكتسح جانبا كبيرا من المهن والمشاريع الصغيرة التي هي من باب أولى يجب أن تفتح للمواطنين، فاليوم حتى لو أردنا أن نعمل، نحن الكويتيين، في تلك المهن فحتما سنواجه صعوبة، ومحاربة من قبل الوافدين، فهم يكسرون أسعار التجارة، وأصبحت لديهم وسائل وخطط ربحية بحيث يجعلون المواطن يبعد عن تلك المشاريع والمهن الصغيرة، بل أصبح لديهم انطباع أنه يجب على الكويتي أن يكون مصدر رزقه.
وأرى أن شباب الكويت طموح ولا مانع لديه لو عمل في منجرة في فترة العصرية أو عمل في محل للستلايت أو في محل موبايلات، لكن للأسف العمالة الوافدة باتت مسيطرة على هذا السوق بشكل كبير، ومن وجهة نظري الحل يأتي من الدولة، بحيث يجب أن ترفع الرسوم عليهم وأن تضع الضرائب حتى لا يتدخلوا في أرزاق المواطنين، فاليوم الأسعار في ازدياد وأصبح الوافدون يحتكرون كل شيء حتى التعليم.
دور القطاع الخاص
من جانبه، قال عيسى الحسن، إن المغترب اليوم لدى بلده يعتبر ثروة، حيث إن هناك بعض الدول قامت تحاسب الكويت بقطع العلاقة إن لم يتم رفع سقف الراتب للعامل، وهذا الأمر نحن مع الأسف المتسببون فيه، لماذا جعلنا الوافدين يفرضون نفوذهم علينا، نحن من نصرف ونحن من نوظف، فيجب علينا أن نضع القوانين في إدارة شؤون أعمالهم وهذه نقطة لا اختلاف عليها.
والأهم من ذلك كله، أنه لدي فكرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهي لماذا لا يقوم أصحاب الشركات بتعيين أبناء البلد في الفترة المسائية في الشركات الخاصة للعمل بالمهن البسيطة برواتب رمزية حتى يفتحوا المجال للموطنين لتعلم هذه الوظائف مستقبلا، فليس من المعيب أن نعمل في وظائف بسيطة، فالكويت بلد الجميع ولا عيب في العمل، والاهم من هذا إن كانت الدولة لها نية صادق في تكويت الوظائف البسيطة فعليها أن ترفع سقف دعم العمالة لأبناء الوطن لكي تغريهم بالعمل في الأسواق العامة أو في المطاعم أو في الشركات الصغيرة، وأن نغير النظرة السيئة المترسخة في أذهاننا بأن تلك المهن لا تليق إلا بالوافدين ونحن لا تليق لنا إلا الوظائف الإدارية فهذا خطأ كبير.
الاعتماد على العمالة الوافدة
تعتمد الكويت والدول الأخرى الخليجية على الأيدي العاملة الوافدة من أجل تشغيل القطاعات الاقتصادية في البلاد، وبيّن تقرير صدر عن هيئة القوى العاملة في الكويت أن أعداد الأيدي العاملة الوافدة في الدولة بلغت منتصف سبتمبر الماضي ما يزيد قليلاً على 1.5 مليون عامل وموظف موزعين بين القطاعين الخاص والعام، وأن حصة القطاع الخاص تبلغ 96 بالمئة.
وتتوزع الأيدي العاملة الوافدة على القطاعات الاقتصادية على النحو التالي: النقل والتخزين والمواصلات (5.4 بالمئة)، والصناعات التحويلية (9.7 بالمئة)، والزراعة والصيد (5.1 بالمئة)، والكهرباء والغاز والمياه (0.3 بالمئة)، والتمويل والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال (42.2 بالمئة)، والتشييد والبناء (13.3 بالمئة)، ونشاطات أخرى (1.2 بالمئة)، والخدمات الاجتماعية والشخصية (15.9 بالمئة)، والمناجم والمحاجر (0.9 بالمئة).
ويلاحظ من التوزيع النسبي أن القطاعات الخدمية والتوزيع السلعي تستحوذ على أكثر من 70 بالمئة من الأيدي العاملة الوافدة، أما القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصيد التي لا تمثل نصيباً مهماً في الناتج المحلي الإجمالي، فتوظف حوالي 80 ألف عامل.
ويؤكد هذا التوزيع للأيدي العاملة الوافدة التشوه في الحياة الاقتصادية وطغيان قطاع الخدمات والقطاعات التابعة.
وتؤكد البيانات تدني المستويات التعليمية للأيدي العاملة وغياب المهارات المهنية بين الغالبية الطاغية من الأيدي العاملة الوافدة، إذ تبين أن من العاملين الوافدين لدى القطاع الخاص ثمة 42.5 بالمئة من دون مؤهلات و32.8 بالمئة من ذوي المؤهلات الدنيا و18.3 بالمئة من أصحاب المؤهلات المتوسطة و6.4 بالمئة من أصحاب المؤهلات العليا. ولابد لهذه الحقائق من أن تفرض على المسؤولين عن التشغيل في الكويت مراجعة أوضاع سوق العمل والبحث عن وسائل وآليات لإصلاحه.
ثم هل تستدعي المتطلبات الاقتصادية وجود هذه الأعداد الكبيرة من الأيدي العاملة الوافدة في وقت يمكن استخدام البدائل التقنية لتسيير أعمال مختلف القطاعات؟ كذلك يثير التوزيع القطاعي تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لهذه الأيدي العاملة الوافدة إذ تتركز في قطاعات الخدمات الشخصية والتوزيع السلعي وخدمات مؤسسات الفنادق والمطاعم أو الزراعة والصيد.
هذه القطاعات توظف الأيدي العاملة أكثر مقارنة بالقطاعات الحيوية والأساسية، فمثلاً، يوظف قطاع المناجم والمحاجر الذي يساهم بـ 49 بالمئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، أقل من 1 بالمئة من الأيدي العاملة الوافدة، في حين يوظف قطاع الزراعة والصيد الذي لا تزيد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي على 0.3 بالمئة 5.1 بالمئة من تلك الأيدي العاملة.
إن طبيعة الاقتصاد الريعية تجعل من هذا التوزيع للأيدي العاملة الوافدة مفهوماً، إذ تتزايد المتطلبات الخدمية وتتزايد أعداد المؤسسات التي توظف الأيدي العاملة الوافدة غير المؤهلة والمتدنية المهارات. وثمة أيدٍ عاملة وافدة تقارب أعدادها 600 ألف شخص تعمل في القطاع العائلي أو المنزلي، وذلك يعني أن إجمالي الأيدي العاملة الوافدة في البلاد يصل إلى 2.1 مليون شخص.
ويردد مسؤولون في الحكومة أطروحات مثل أهمية ترشيد استقدام الأيدي العاملة، والتأكيد على أهمية رفع المستويات التعليمية والمهنية لها.
والأهم إصلاح سوق العمل لرفع نسبة الأيدي العاملة الوطنية إلى مستويات أفضل فهي لا تمثل حالياً سوى 17 بالمئة من إجمالي قوة العمل في الكويت.
ومعلوم أن غالبية الكويتيين العاملين يعملون لدى الحكومة ومؤسسات القطاع العام. وتحاول الحكومة أن تحفز الكويتيين للعمل لدى القطاع الخاص، وأوجدت نظاماً لدعم الرواتب وأجور هذه الأيدي العاملة من خلال قانون يفرض ضريبة نسبتها 2.5 بالمئة من صافي الأرباح السنوية على الشركات الكويتية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية.
وتعضد الحكومة هذه الحصيلة من أموال الخزينة العامة. ويستفيد أكثر من 50 ألف عامل كويتي في القطاع الخاص من برنامج دعم الأيدي العاملة، وتقوم الحكومة بدفع حوالي 35 مليون دينار (116 مليون دولار) شهرياً لهؤلاء العاملين، لكن هذه البرامج ومحاولات إصلاح سوق العمل وأنظمتها تفتقر إلى العزيمة والجدية، فثمة العديد من المصالح والمتنفذين ممن يتصدون لأي عملية إصلاح، وفي البلاد كثير من الشركات الوهمية التي تجلب الأيدي العاملة الوافدة من دون مسوغات مشروعة وتتقاضى «إتاوات» منهم، في التفاف على القوانين المحلية والمعاهدات الدولية. ولذلك، المطلوب تطبيق القوانين ووضع حد للتلاعب وحصر الاحتياجات الفعلية للمؤسسات ذات الجدوى الاقتصادية، ولابد من رفع كفاءة الأعمال وتوظيف التقنيات الحديثة التي تخفض من احتياجات الأيدي العاملة، أو ترفع مستويات الأيدي العاملة المطلوبة تعليمياً أو مهنياً. أما تطوير مساهمة الأيدي العاملة الوطنية، فيتطلب الارتقاء بالنظام التعليمي والاهتمام بالتعليم المهني. فهل يمكن أن نتوقع متغيرات على أرض الواقع خلال السنوات المقبلة بعدما تأكد عدم تحقيق أي من الأهداف المرصودة في خطط التنمية السابقة، وآخرها خطة التنمية 2010 - 2014؟ لا إمكانات لتحقيق أهداف التنمية البشرية ما لم تتخَذ قرارات حاسمة لإصلاح النظام التعليمي وتعديل النهج الاقتصادي بما يعزز التوجهات التنموية العصرية ويقلص الاقتصاد الريعي. وهل يمكن أن يدفع انخفاض أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية الحكومة ومجلس الأمة إلى تبني تشريعات تؤدي إلى تعديل السياسات المالية وسياسات التوظيف لدى الحكومة وإجراءات توظيف الأيدي العاملة الوافدة في القطاع الخاص؟ يتطلب ذلك تغيير الواقع وتبني فلسفة اقتصادية مغايرة بما يعني فرض سياسات قد لا تكون شعبية في بداية الأمر، لكنها لابد أن تكون مثمرة بعد حين.
اترك تعليقا: