بعد مرور أكثر من عامين على قرار مجلس الوزراء «فتح» باب التملك للوافدين وفق شروط وضوابط محددة، يبدو أن هذا القرار ظل قاصراً ومقتصراً على «الاستثناءات» القليلة، والتي لا تتعدى أصابيع اليد الواحدة.
ورغم أن الشروط التي تشمل موافقة وزير الداخلية، وشهادتي حسن سلوك وراتب، إلى جانب معرفة مصدر الأموال، ليست بـ «الصعبة» و«المعقدة» إلا أنها حالت دون دوران عجلة تملك الوافدين على الوجه المطلوب.
وبينما يرى عدد من الخبراء أن هناك «منعاً مبطناً» يحول دون تملك الوافدين، يشير هؤلاء إلى أن الوافدين بدأوا يسلكون طريقاً آخر لا تمر بقرارات مجلس الوزراء.
ولدى السؤال عن هذه الطريق، يؤكد أحد المصادر المطلعة (لم يشأ الإفصاح عن هويته) أن شريحة بسيطة من الوافدين باتت تلجأ أخيراً إلى المواطنين لتجاوز عقبة «التملك الرسمي» بطريقة «مبطنة»، بمعنى (يفنّد المصدر) «أن الوافد يلجأ إلى صديقه الكويتي المقرّب، ليسجل عقاراً أو شقة يعتزم شراءها باسمه (الكويتي) على أن يقوم الطرفان بتوقيع عقد أو سند أو إيصال جانبي «ودي» بينهما عند محام، يثبت ملكية أو أحقية الوافد في استخدام الشقة».
وفيما يوضح المصدر أن «أعداد الوافدين الذين يقومون بهذه (الحيلة) ليست كبيرة على ما يعتقد»، فإنه يشير في المقابل إلى أن «تسهيل عملية تملّك الوافدين على غرار دولة الإمارات من شأنه أن ينشّط القطاع العقاري أكثر فأكثر».
وفي السياق نفسه، أشارت مصادر أخرى إلى أن شركات عدة تقوم بالفعل بإنشاء بنايات سكنية لشقق التمليك تناسب الوافدين سعراً ومساحة، لافتين إلى أن هناك حركة شراء «بسيطة» من قبل وافدين ولكن باسم كويتي.
الملحم
أكد الرئيس التننفيذي في شركة «بلوبرنت» العقارية، مشعل الملحم، أهمية تملك الوافد للعقار، قائلاً إن «الوافدين سيضيفون قيمة للدولة من استثماراتهم وأموالهم، كما أن استقرارهم النفسي والمالي سيتيح لهم المجال للاستثمار في كافة المجالات الأخرى، وبالتالي وعوضاً عن تحويل أموالهم إلى بلدانهم فهم سيلجأون إلى استثمارها في الكويت».
ورأى أنه «يجب ألا يشمل هذا الاستثمار أو التملك المقيمين في الكويت فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى كافة مستثمري العالم إن رغبوا في ذلك»، قائلاً «نحن في النهاية نبحث عن ادخال أموال واستقرارها في الكويت»، ومستشهداً بتجربة بريطانيا التي أتاحت للعالم أجمع التملك فيها.
غير أن الملحم اشترط أن تترافق الخطوة مع حزمة تشريعات ضريبية، ومن أهمها، ضريبة رسوم التسجيل العقاري والتي يجب أن تتفاوت قيمتها بحسب نوع العقار (تجاري) أو (سكني) أو (استثماري)، ويجب أن تصل قيمتها بحد أقصى إلى 10 في المئة من قيمة العقار، وألا تقل بأي حال من الأحوال عن 3 في المئة.
وأضاف «كما يجب تطبيق ضريبة الدخل على العقارات المدرة للدخل، وألا تقل عن 15 في المئة من صافي الدخل، إلى ضريبة الارتفاع بقيمة الأصل في الفرق بين قيمته وقت الشراء ووقت البيع».
كما لفت إلى جوانب تنظيمية وفنية يجب أن تؤخذ بالاعتبار، موضحاً أنه ينبغي تحديد مناطق معينة يتاح فيها الاستثمار وتملّك الوافد كمنطقة الفروانية والفحيحيل والسالمية وحولي، وهي المناطق التي لا تمس القطاع السكني للكويتيين.، فضلاً عن أنه ينبغي تحديد نسبة التملك في تلك المناطق المذكورة.
الدغيشم
من جهته، طالب رئيس مجلس إدارة شركة الدغيشم العقارية عبدالعزيز الدغيشم، بضرورة تسهيل تملّك الوافدين، لافتا إلى أن حصول هذا الأمر سيؤدي إلى نشاط كبير في السوق العقاري، كما سينسحب على قطاعات أخرى كالإنشاءات، والتجزئة والمطاعم والخدمات والبنوك التي يمكن أن تسهم في عمليات تمويل شراء الوافدين.
وأكد الدغيشم أن الوافد يضع أموالا كثيرة على الإيجارات، ولكن فائدة هذا الإيجار تعود على مالك العقار وحده دون القطاعات الأخرى، أي أن تركّز هذه الأموال يقتصر على فئة وشريحة محدودة، وهي ملّاك العقارات دون سواهم.
واعتبر الرجل أن تملك الوافد من شأنه القضاء على ظاهر التركّز من خلال توزيع المبلغ الذي يدفعه المستأجر كبدل إيجاري شهري على أكثر من قطاع، كالتجزئة والمطاعم والسيارات وغيرها من الخدمات الأخرى، وبالتالي فإن مختلف المجلات الاقتصادية ستستفيد من هذه الخطوة.
زكري
بدوره، شدّد الرئيس التنفيذي في شركة «إكسبو سيتي»، إيهاب زكري، على ضرورة الاهتمام بهذا الموضوع من قبل الجهات المعنية، مشيرا إلى أن تملك الوافد في الكويت سيساهم في انتعاش حركة المبيعات في العقار بشكل عام، وبشكل خاص في البنايات السكنية، والتي تلقى إقبالاً في الأصل خلال المعارض العقارية من قبل المواطنين وأسعارها التي تناسب الشرائح كافة.
وبين زكري أن تسهيل الإجراءات والشروط لتملك العقار للوافدين في الكويت، مطلب كثير من زوار المعارض بسبب الأسعار المناسبة في الشقق، والتي تبدأ من 45 ألف دينار.
وفي حين توقف مراقبون عند العدد المحدود والضئيل في استثناءات تملك الوافدين، أكدوا أن فتح الباب بشكل أوسع أما تملك هؤلاء فسيكون له فائدة مزدوجة على المواطن والمقيم، لاسيما وأن الأخير سيغادر الكويت في نهاية المطاف، ولن يبقى فيها إلى ما لا نهاية.
وكانت اتحادات عقارية قدمت سلسلة مقترحات تتعلق بتسهيل عملية تملك الوافدين للعقار، وضرورة تنشيط هذه الحركة من أجل إنعاش وتحريك السوق العقاري والأسواق الأخرى.
اترك تعليقا: